مفهوم العدالة:
العدالة عند أفلاطون ليست هي القوة المجردة، وهي ليست حق القوى، وإنما هي تعاون كل أجزاء المجتمع تعاوناً متوازناً فيه الخير للكل
٢)تقسيم الدولة:
يشبّه أفلاطون الدولة بأجزاء الإنسان:
أولاً: الرأس، وفيه العقل وفضيلته الحكمة، وتمثل طبقة الحكام، وهؤلاء أقلية صغيرة تهتم بالتأمل والفهم، بعيدون عن الدنيا واطماعها، هؤلاء هم الرجال المؤهلون للحكم، والذين لم تفسدهم الدنيا
ثانياً: القلب، وفيه العاطفة، وفضيلته هي الشجاعة، وتمثل طبقة الجيش، وهؤلاء يحبون الشجاعة والنصر وساحات الحرب والقتال
ثالثاً:البطن، وفيه الشهوات، وفضيلته الاعتدال، وتمثل طبقة الصناع والعمال وهم عامة الشعب، وهؤلاء يحبون طلب المال والظهور والنزاع، وهم رجال الصناعة والتجارة والمال
ويري أفلاطون أن أفضل دولة هي التي فيها العقل يكبح جماح الشهوات والعواطف
بمعني أن رجال الصناعة والمال ينتجون ولا يحكمون، ورجال الحرب يحمون الدولة ولا يتسلمون مقاليد الحكم، ورجال الحكمة والمعرفة والعلم، يطعمون ويلبسون ويحمون من قبل الدولة، ليحكموا
ويري أفلاطون أن دمار الدولة يأتي عندما يحاول أحد من طبقة رجال الحرب أو العامة امتلاك الحكم
٢)كيف يصل أفلاطون إلي تحقيق الدولة بطبقاتها الثلاثة؟:
الجواب هو عن طريق “التربية”
أولاً: نأخذ الأطفال عند الولادة وندخلهم دور الحضانة لنبقي عليهم اصحاء والقضاء على الأطفال الذين توجد بهم عاهات أو علل
ثانياً: بعد فترة يبدأون بتلقي الدروس كتعليم القراءة والكتابة ومزاولة الرياضة والاستماع إلى الموسيقى
ثالثاً: بعد سن الثانية عشرة يجب أن يكون هناك امتحان، الذي ينجح، سوف يواصل دراسته، والذي يتخلف يجب أن يترك المدرسة ويتوجه إلى الحياة العامة لأنهم سيشكلون الطبقة العامة
رابعاً: الناجحون سوف يواصلون دراستهم حتى سن الثانية والعشرين فيعطون المزيد من المسائل الرياضية والشعر الحماسى الذي يدعو إلي محبة الوطن
خامساً: بعد سن الثانية والعشرين سيعقد امتحان آخر لهولاء الشباب….الناجحون منهم سيواصلون تعليمهم ليكونوا طبقة الفلاسفة والحكام (الملوك) والراسبون منهم سيكونون طبقة الحراس الذين يقومون بمهمة الدفاع عن الوطن وحفظ النظام في الدولة
٣)الملكية والحياة الزوجية في الدولة الفاضلة:
أولاً: طبقة الحكام والفلاسفة، لا يجوز أن يتمتعوا بأي نوع من الملكية ولا يجوز أن تكون لهم أسر معينة أو زوجات أو أزواج، لأن بحسب أفلاطون الملكية تعوق تحقيق العدالة (بمعني ربما يتولد عند هؤلاء رغبة معينة تجعلهم يهتمون بمصالحهم وأسرهم وثرواتهم) وهنا رأي أفلاطون أن طبقة الحكام هي ملك للدولة على أن يسمح لطبقة الحكام الزواج فقط من داخل طبقتهم وأن يُأخذ منهم الاطفال في ساعة الولادة وتوضع في إصلاحيات وتقطع أي صلات مع ذويهم
ثانياً: بالنسبة لطبقة الحراس، يجب أن لا يكون لهم ملكية خاصة ولا أسر حتي لا ينصرفوا عن أداء واجباتهم المنوطة بهم ويجب أن يكون زواجهم داخل طبقتهم لغرض النسل حسب حاجة الدولة، أما الأطفال فيوضعون في مكان مشترك بحيث لا يعرفون هم أبناء من بالتحديد فتتناوب الأمهات بإرضاعهم دون أن يعرفوهم
ثالثاً: طبقة عامة الشعب، لهم الحق ببناء الأسر والامتلاك لوسائل الإنتاج والتوزيع لأن الملكية الخاصة لا تعوقهم لأداء مهمتهم بحسب رأي أفلاطون، لأن مهمة طبقة العامة ليست خطيرة مثل طبقة الحراس والفلاسفة، وأيضاً من واجب هذه الطبقة إعطاء الثقة للحكومة وليس من حقهم مناقشتها أو الإعتراض عليها لأن قدراتهم العقلية محدودة
وبالتالي كانت الطبقية في المدينة الفاضلة لا تقوم على أساس عنصري بل كان يري أفلاطون أن هذه هي العدالة لأن التقسيم يقوم على أساس الهبات الفطرية للبشر، وتتحقق العدالة عندما يقوم كل فرد بدوره المخصص له
من كتاب “جمهورية أفلاطون” الأستاذ